فصل: قال البيضاوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وإنما سماها رؤيا على قول المكذبين حيث قالوا له لعلها رؤيا رأيتها استبعادًا منهم كما سمى أشياء بأساميها عند الكفرة كقوله: {فَرَاغَ إلى ءالِهَتِهِمْ} [الصافات: 91] {أَيْنَ شُرَكَائِىَ} [النحل: 27] أو هي رؤيا أنه سيدخل مكة، والفتنة الصد بالحديبية.
فإن قلت: ليس في القرآن ذكر لعن شجرة الزقوم.
قلت: معناه: والشجرة الملعون آكلها وهم الكفرة لأنه قال {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضالون المكذبون * لاَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مّن زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا البطون} [الواقعة: 53، 52] فوصفت بلعن أهلها على المجاز، ولأن العرب تقول: لكل طعام مكروه ضار ملعون، ولأن اللعن هو الإبعاد من الرحمة وهي في أصل الجحيم في أبعد مكان من الرحمة.
{وَإِذا قُلْنَا للملائكة اسجدوا لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ ءَأَسْجُد لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} هو تمييز أو حال من الموصول، والعامل فيه {أأسجد} على أأسجد له وهو طين أي أصله طين {قَالَ أَرَءيْتَكَ هذا الذى} الكاف لا موضع لها لأنها ذكرت للخطاب تأكيدًا هذا مفعول به والمعنى أخبرني عن هذا الذي {كَرَّمْتَ عَلَيَّ} أي فضلته، لم كرمته علي وأنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، فحذف ذلك اختصارًا لدلالة ما تقدم عليه.
ثم ابتدأ فقال: {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ} وبلا ياء: كوفي وشامي.
واللام موطئة للقسم المحذوف {إلى يَوْمِ القيامة لأَحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ} لأستأصلنهم بإغوائهم {إِلاَّ قَلِيلًا} وهم المخلصون.
قيل: من كل ألف واحد.
وإنما علم الملعون ذلك بالإعلام أو لأنه رأى أنه خلق شهواني.
{قَالَ اذهب} ليس من الذهاب الذي هو ضد المجيء وإنما معناه امض لشأنك الذي اخترته خذلانًا وتخلية.
ثم عقبه بذكر ما جره سوء اختياره فقال: {فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ} والتقدير فإن جهنم جزاؤهم وجزاؤك ثم غلب المخاطب على الغائب فقيل {جزاؤكم} وانتصب {جَزَاء مَّوفُورًا} أي موفرًا بإضمار تجازون {واستفزز} استزل أو استخف استفزه أي استخفه والفز الخفيف.
{مَنِ استطعت مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} بالوسوسة أو بالغناء أو بالمزمار {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم} اجمع وصح بهم من الجلبة وهو الصياح {بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} بكل راكب وماش من أهل العيث، فالخيل الخيالة، والرجل اسم جمع للراجل ونظيره الركب والصحب {ورجلك} حفص على أن فعلًا بمعنى فاعل كتعب وتاعب، ومعناه وجمعك الرِجل وهذا لأن أقصى ما يستطاع في طلب الأمور الخيل والرجل.
وقيل: يجوز أن يكون لإبليس خيل ورجال {وَشَارِكْهُمْ في الأموال والأولاد} قال الزجاج: كل معصية في مال وولد فإبليس شريكهم فيها كالربا والمكاسب المحرمة والبحيرة والسائبة والإنفاق في الفسوق والإسراف ومنع الزكاة والتوصل إلى الأولاد بالسبب الحرام والتسمية بعبد العزى وعبد شمس {وَعِدْهم} المواعيد الكاذبة من شفاعة الآلهة والكرامة على الله بالأنساب الشريفة وإيثار العاجل على الآجل ونحو ذلك {وَمَا يَعِدُهُمْ الشيطان إِلاَّ غُرُورًا} هو تزيين الخطأ بما يوهم أنه صواب {أَن عِبَادِى} الصالحين {لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سلطان} يد بتبديل الإيمان ولكن بتسويل العصيان {وكفى بِرَبّكَ وَكِيلًا} لهم يتوكلون به في الاستعاذة منك أو حافظًا لهم عنك، والكل أمر تهديد فيعاقب به أو إهانة أي لا يخل ذلك بملكي.
{رَّبُّكُمُ الذي يُزْجِى} يجري ويسير {لَكُمُ الفلك في البحر لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} يعني الربح في التجارة {إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}
{وَإِذَا مَسَّكُمُ الضر في البحر} أي خوف الغرق {ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلا إِيَّاهُ} ذهب عن أوهامكم كل من تدعونه في حوادثكم إلا إياه وحده فإنكم لا تذكرون سواه، أو ضل من تدعون من الآلهة عن إغاثتكم ولكن الله وحده الذي ترجونه على الاستثناء المنقطع {فَلَمَّا نجاكم إِلَى البر أَعْرَضْتُمْ} عن الإخلاص بعد الخلاص {وَكَانَ الإنسان} أي الكافر {كَفُورًا} للنعم {أَفَأَمِنتُمْ} الهمزة للإنكار والفاء للعطف على محذوف تفديره: أنجوتم فأمنتم فحملكم ذلك على الإعراض {أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ البر} انتصب {جانب} بـ {يخسف} مفعولًا به كالأرض في قوله: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرض} [القصص: 81] و{بكم} حال، والمعنى أن يخسف جانب البر أي يقلبه وأنتم عليه، والحاصل أن الجوابب كلها في قدرته سواء وله في كل جانب أو برًا كان أو بحرًا، من أسباب الهلاك ليس جانب البحر وحده مختصًا به، بل إن كان الغرق في جانب البحر ففي جانب البر الخسف، وهو تغييب تحت التراب والغرق تغييب تحت الماء، فعلى العاقل أن يستوي خوفه من الله في جميع الجوانب وحيث كان {أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} هي الريح التي تحصب أي ترمي بالحصباء يعني أو إن لم يصبكم بالهلاك من تحتكم بالخسف أصابكم به من فوقكم بريح يرسلها عليكم فيها الحصباء {ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلًا} يصرف ذلك عنكم {أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أخرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ} أي أم أمنتم أن يقوي دواعيكم ويوفر حوائجكم إلى أن ترجعوا فتركبوا البحر الذي نجاكم منه فأعرضتم فينتقم منكم بأن يرسل عليكم {قَاصِفًا مّنَ الريح} وهي الريح التي لها قصيف وهو الصوت الشديد أو هو الكاسر للفلك {فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ} بكفرانكم النعمة هو إعراضكم حين نجاكم {ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا} مطالبًا من قوله: {فاتباع بالمعروف} [البقرة: 178] أي مطالبة، والمعنى إنا نفعل ما نفعل بهم ثم لا تجدوا أحدًا يطالبنا بما فعلنا انتصارًا منا ودركًا للنار من جهتنا وهذا نحو قوله: {وَلاَ يَخَافُ عقباها} [الشمس: 16] {أن نخسف} {أو نرسل} {أن نعيدكم} {فنرسل} {فنغرقكم} بالنون: مكي وأبو عمرو. اهـ.

.قال البيضاوي:

{قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا}.
{قُلْ} جوابًا لهم. {كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا}.
{أَوْ خَلْقًا مّمَّا يَكْبُرُ في صُدُورِكُمْ} أي مما يكبر عندكم عن قبول الحياة لكونه أبعد شيء منها، فإن قدرته تعالى لا تقصر عن إحيائكم لاشتراك الأجسام في قبول الأعراض، فكيف إذا كنتم عظامًا مرفوتة وقد كانت غضة موصوفة بالحياة قبل والشيء أقبل لما عهد فيه مما لم يعهد. {فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الذي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} وَكُنتم ترابًا وما هو أبعد منه من الحياة. {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ} فسيحركونها نحوك تعجبًا واستهزاء. {وَيَقُولُونَ متى هُوَ قُلْ عسى أَن يَكُونَ قَرِيبًا} فإن كل ما هو آت قريب، وانتصابه على الخبر أو الظرف أي يكون في زمان قريب، و{أَن يَكُونَ} اسم {عَسَى} أو خبره والاسم مضمر.
{يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ} أي يوم يبعثكم فتنبعثون، استعار لهما الدعاء والاستجابة للتنبيه على سرعتهما وتيسر أمرهما، وأن المقصود منهما الإحضار للمحاسبة والجزاء. {بِحَمْدِهِ} حال منهم أي حامدين الله تعالى على كمال قدرته كما قيل إنهم ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون: سبحانك اللهم وبحمدك، أو منقادين لبعثه انقياد الحامدين عليه. {وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلًا} وتستقصرون مدة لبثكم في القبور كالذي مر على قرية، أو مدة حياتكم لما ترون من الهول.
{وَقُل لِّعِبَادِى} يعني المؤمنين. {يَقُولُواْ التى هي أَحْسَنُ} الكلمة التي هي أحسن ولا يخاشنوا المشركين. {إِنَّ الشيطان يَنزِعُ بَيْنَهُمْ} يهيج بينهم المراء والشر فلعل المخاشنة بهم تفضي إلى العناد وازدياد الفساد. {إِنَّ الشيطان كَانَ للإنسان عَدُوّا مُّبِينًا} ظاهر العداوة.
{رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ} تفسير ل {التى هي أَحْسَنُ} وما بينهما اعتراض أي قولوا لهم هذه الكلمة ونحوها ولا تصرحوا بأنهم من أهل النار، فإنه يهيجهم على الشر مع أن ختام أمرهم غيب لا يعلمه إلا الله. {وَمَا أرسلناك عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} موكولًا إليك أمرهم تقسرهم على الإِيمان وإنما أرسلناك مبشرًا ونذيرًا فدارهم ومر أصحابك بالاحتمال منهم. وروي أن المشركين أفرطوا في إيذائهم فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت.
وقيل شتم عمر رضي الله تعالى عنه رجل منهم فهم به فأمره الله بالعفو.
{وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ في السموات والأرض} وبأحوالهم فيختار منهم لنبوته وولايته من يشاء، وهو رد لاستبعاد قريش أن يكون يتيم أبي طالب نبيًا، وأن يكون العراة الجوع أصحابه. {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النبيين على بَعْضٍ} بالفضائل النفسانية والتبري عن العلائق الجسمانية، لا بكثرة الأموال والأتباع حتى داود عليه الصلاة والسلام فإن شرفه بما أوحى إليه من الكتاب لا بما أوتيه من الملك. قيل هو إشارة إلى تفضيل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله: {وَءاتَيْنَا دَاوُودُ زَبُورًا} تنبيه على وجه تفضيله وهو أنه خاتم الأنبياء وأمته خير الأمم المدلول عليه بما كتب في الزبور من أن الأرض يرثها عبادي الصالحون، وتنكيره ها هنا وتعريفه في قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا في الزبور} لأنه في الأصل فعول للمفعول كالحلوب، أو المصدر كالقبول ويؤيده قراءة حمزة بالضم وهو كالعباس أو الفضل، أو لأن المراد وآتينا داود بعض الزبر، أو بعضًا من الزبور فيه ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام.
{قُلِ ادعوا الذين زَعَمْتُم} أنها آلهة. {مِن دُونِهِ} كالملائكة والمسيح وعزير. {فَلاَ يَمْلِكُونَ} فلا يستطيعون. {كَشَفَ الضر عَنْكُمْ} كالمرض والفقر والقحط. {وَلاَ تَحْوِيلًا} ولا تحويل ذلك منكم إلى غيركم.
{أُولَئِكَ الذين يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبّهِمُ الوسيلة} هؤلاء الآلهة يبتغون إلى الله القرابة بالطاعة. {أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} بدل من واو {يَبْتَغُونَ} أي يبتغي من هو أقرب منهم إلى الله الوسيلة فكيف بغير الأقرب. {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويخافون عَذَابَهُ} كسائر العباد فكيف تزعمون أنهم آلهة. {إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ كَانَ مَحْذُورًا} حقيقًا بأن يحذره كل أحد حتى الرسل والملائكة.
{وَإِن مّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ القيامة} بالموت والاستئصال. {أَوْ مُعَذّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا} بالقتل وأنواع البلية. {كَانَ ذلك في الكتاب} في اللوح المحفوظ. {مَسْطُورًا} مكتوبًا.
{وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بالآيات} ما صرفنا عن إرسال الآيات التي اقترحها قريش. {إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأولون} إلا تكذيب الأولين الذين هم أمثالهم في الطبع كعاد وثمود، وأنها لو أرسلت لكذبوا بها تكذيب أولئك، واستوجبوا الاستئصال على ما مضت به سنتنا وقد قضينا أن لا نستأصلهم، لأن منهم من يؤمن أو يلد من يؤمن. ثم ذكر بعض الأمم المهلكة بتكذيب الآيات المقترحة فقال:
{وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ} بسؤالهم. {مُبْصِرَةً} بينة ذات أبصار أو بصائر، أو جاعلتهم ذوي بصائر وقرئ بالفتح. {فَظَلَمُواْ بِهَا} فكفروا بها، أو فظلموا أنفسهم بسبب عقرها. {وَمَا نُرْسِلُ بالآيات} أي بالآيات المقترحة. {إِلاَّ تَخْوِيفًا} من نزول العذاب المستأصل، فإن لم يخافوا نزل أو بغير المقترحة كالمعجزات وآيات القرآن إلا تخويفًا بعذاب الآخرة، فإن أمر من بعثت إليهم مؤخر إلى يوم القيامة، والباء مزيدة أو في موقع الحال والمفعول محذوف.
{وَإِذْ قُلْنَا لَكَ} واذكر إذ أوحينا إليك. {إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بالناس} فهم في قبضة قدرته، أو أحاط بقريش بمعنى أهلكهم من أحاط بهم العدو، فهي بشارة بوقعة بدر والتعبير بلفظ الماضي لتحقق وقوعه. {وَمَا جَعَلْنَا الرءيا التى أريناك} ليلة المعراج وتعلق به من قال إنه كان في المنام، ومن قال إنه كان في اليقظة فسر الرؤيا بالرؤية. أو عام الحديبية حين رأى أنه دخل مكة. وفيه أن الآية مكية إلا أن يقال رآها بمكة وحكاها حينئذ، ولعله رؤيا رآها في وقعة بدر لقوله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ الله في مَنَامِكَ قَلِيلًا} ولما روي «أنه لما ورد ماءه قال لكأني أنظر إلى مصارع القوم هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان، فتسامعت به قريش واستسخروا منه» وقيل رأى قومًا من بني أمية يرقون منبره وينزون عليه نزو القردة فقال: «هذا حظهم من الدنيا يعطونه بإسلامهم»، وعلى هذا كان المراد بقوله: {إِلاَّ فِتْنَةً لّلنَّاسِ} ما حدث في أيامهم. {والشجرة الملعونة في القرءان} عطف على {الرءيا} وهي شجرة الزقوم، لما سمع المشركون ذكرها قالوا إن محمدًا يزعم أن الجحيم تحرق الحجارة ثم يقول ينبت فيها الشجر، ولم يعلموا أن من قدر أن يحمي وبر السَمَنْدَل من أن تأكله النار، وأحشاء النعامة من أذى الجمر وقطع الحديد المحماة الحمر التي تبتلعها، قدر أن يخلق في النار شجرة لا تحرقها. ولعنها في القرآن لعن طاعميها وصفت به على المجاز للمبالغة، أو وصفها بأنها في أصل الجحيم فإنه أبعد مكان من الرحمة، أو بأنها مكروهة مؤذية من قولهم طعام ملعون لما كان ضارًا، وقد أولت بالشيطان وأبي جهل والحكم بن أبي العاصي، وقرأت بالرفع على الابتداء والخبر محذوف أي والشجرة الملعونة في القرآن كذلك.
{وَنُخَوّفُهُمْ} بأنواع التخويف. {فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا} إلا عتوًا متجاوز الحد.
{وَإِذْ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَءسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} لمن خلقته من طين، فنصب بنزع الخافض، ويجوز أن يكون حالًا من الراجع إلى الموصول أي خلقته وهو طين، أو منه أي أأسجد له وأصله طين. وفيه على الوجوه الثلاثة إيماء بعلة الإنكار.
{قَالَ أَرَءيْتَكَ هذا الذي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} الكاف لتأكيد الخطاب لا محل له من الإِعراب، وهذا مفعول أول والذي صفته والمفعول الثاني محذوف للدلالة صلته عليه، والمعنى أخبرني عن هذا الذي كرمته علي بأمري بالسجود له لم كرمته علي. {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إلى يَوْمِ القيامة} كلام مبتدأ واللام موطئة للقسم وجوابه: {لأَحْتَنِكَنَّ ذُرّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلًا} أي لأستأصلنهم بالاغواء إلا قليلًا لا أقدر أن أقاوم شكيمتهم، من أحتنك الجراد الأرض إذا جرد ما عليها أكلًا، مأخوذ من الحنك وإنما علم أن ذلك يتسهل له إما استنباطًا من قول الملائكة {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا} مع التقرير، أو تفرسًا من خلقه ذا وهم وشهوة وغضب.
{قَالَ اذهب} امض لما قصدته وهو طرد وتخلية بينه وبين ما سولت له نفسه. {فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ} جزاؤك وجزاؤهم فغلب المخاطب على الغائب، ويجوز أن يكون الخطاب للتابعين على الالتفات. {جَزَاء مَّوفُورًا} مكملًا من قولهم فر لصاحبك عرضه، وانتصاب جزاء على المصدر بإضمار فعله أو بما في {جَزَاؤُكُمْ} من معنى تجازون، أو حال موطئة لقوله: {مَّوفُورًا}.